خواطررياضة

إيه ده حادثة ثواني يا جماعة أشيل معاكوا

فتحت موبايل البنت اللي لسه عاملة حادثة قدامي عشان ألاقيها فاتحة الريكوردات، كان فيه ريكورد لسه مسجلاه حالًا ففضولي خلاني فتحته عشان أسمع صوتها وهى بتقول:

” ساعات بحس إن المشكلة فيا! أيوه أكيد فيا، عشان كده أنا دايمًا لوحدي، لما.. لما ببقى قاعدة واسرح مع شلة صحاب قاعدين يضحكوا ويهزروا ببتسم، بتمنى أكون معاهم، بس الابتسامة بتختفي تلقائيًا لما باخد بالي إني لسه لوحدي.

حاولت كتير أقرب من أي شلة منهم بس مكنتش بعرف، دايمًا بحس إني تقيلة، أو مش قادرة اتأقلم. هو أيوه صاحبت أخيرًا بس هم دايمًا ناسيني، كلامنا قليل، وبيخرجوا من غيري وأنا، أنا تعبت، ممكن تحسوا إن الكلام ساذج بس أنا فعلاً تعبت من كوني دايمًا لوحدي، بتخيل كمية الناس إللي هتبقى موجودة يوم العزا بتاعي، قد ايه بنفتكر كنا ازاي بنحب الشخص بس بعد ما يموت، بس أنا كنت أتمنى إنكوا تبقوا موجودين جنبي وأنا.. عايشة. ”

التسجيل خلص، كان أخر حاجة البنت عاملاها على الموبايل، وكانت شايلة الباسورد، وكإنها كانت عايزة الموبايل لما يوصل لحد من قرايبها يسمع التسجيل ده ويوصله لأصحابها بعد ما تموت! صوت عياط البنت وهي بتتكلم حسسني بتأنيب الضمير رغم كونها أوڤر، بس لقيتني برجع مكان الحادثة تاني وبسأل الناس على المستشفى اللي نقلوا فيها البنت.

اللي أول ما لمحت الناس بتشيلها بعد ما العربية خبطتها عملت نفسي بشيل معاهم وأخدت موبايلها الي وقع على الأرض، ده مش بعيد تكون هي اللي رمت نفسها قدام العربية! مش أول مرة اسرق يعني بس مش عارف المرادي في ايه!!

وصلت المستشفى، كان في هاجس في دماغي وخايف يكون صح وقلبي كان عمال ينبض، لحد ما وصلت أوضتها، دخلت، لقيت بنت قاعدة ع السرير وبتبص ع الباب بلهفة، بس معالم اللهفة قلبت اندهاش لما شافتني، غريبة، كانت جميلة جدًا! مش عارف ايه إللي خلى مخي يصورهالي بصورة تانية تماماً، ارتحت لما لقيتها لسه عايشة وكإني أنا إللي خبطتها.

– شكراً ليك جداً.

= على ايه؟!

– إنك دورت عليا ورجعت الموبايل، لو حد تاني كان ممكن ياخده ويمشي.

= ايوه، ربنا يبعد عنا ولاد الحرام بقى، بعد إذنك همشي.

– تفتكر هييجوا؟!

= هما مين؟!

– صحابي

= أيوه، أكيد.

– أصلهم دايمًا ناسيني، دايما كنت بعزمهم على مناسبات وعزومات ومحدش بييجي.

= بس المرادي شيء مختلف فأكيد هييجيوا

– مرة عزمتهم على الغدا وقالولي هيجيوا، كنت فرحانه أوي وماما عملت أكل كتير وجبنا عصاير و.. بس محدش جه.

= يمكن كانوا مشغولين، اعذريهم.

– ساعتها حسيت بكسرة نفس خلتني.. هو أنا وحشة؟!

= بالعكس.

– أنا عارفة إن كلامي صعب وبزعل بسرعة، بس..بس صدقني من أول كلمة بنسى كل حاجة.

= مشكلتكوا إنكوا بتدوا المواضيع أكبر من حجمها دايمًا.

– بنديها أكبر من حجمها! يعني لو أنت دايما لوحدك ومفيش حد جنبك مش هتحس بكده؟!

= عادي، منا طول عمري لوحدي، بس الحياة عمرها ما وفقت على حد، في حاجات أهم من كده يا آنسة، في موبايلات في شنط..

– ايه؟!

= قصدي يعني ممكن تشغلي نفسك بحاجات غيرها وأحسن من البشر والله.

– عارفة، بس.. دايما هتلاقي نفسك محتاجلهم، تعرف إني ساعة حفلة التخرج خوفت احضر التكريم، خوفت لاطلع استلم الشهادة وملاقيش حد يسقفلي زي الباقي، وحاجات كتير زي دي.

= يا الله ع الخيال الواسع، بلاش تسبقي الأحداث يمكن يسقفوا، هم في الحاجات دي بيسقفوا لما أي حد بيطلع، لو شجرة طلعت هيسقفلوها عادي.

– شجرة؟! تصدق إنك مستفز.

ضحكت..

= مش قصدي والله، بس أنا شايف إن كتر التفكير في العواقب والأسباب إللي مخليكي كده، دايما خايفة ينسوكي، خايفة تبقي لوحدك، ولو لوحدك عادي، مسيرك في يوم هتلاقي الناس إللي هتبقى جنبك دايمًا.

– معلش أنا معرفش فضلت أرغي معاك كتير كده ازاي بس ..

لقيت فجأة الباب بيتفتح، عينيها راحت ع الباب تلقائي، حسيتها هتنط من على السرير والابتسامة ملت وشها، واحد.. اتنين، مالا يقل عن ٦ بنات داخلين الأوضة، كانت مبسوطة جداً، سعادة غير طبيعية ونسيتني تماماً. ابتسمت وأنا خارج ورايح ناحية الباب..

– بقولك.

بصيتلها وأنا بقول..

= ايوه

– مقولتليش اسمك ايه؟!

= إيهاب، اسمي إيهاب.

– شكراً يا إيهاب.

= على ايه؟!

– الموبايل!

= ايوه الموبايل صح، لأ ده واجبي، هتلاقي رقمي متسجل على فكرة.. يعني، عشان لو حبيتي تعملي حادثة تاني ولا حاجة.

ضحكت. مرضتش اقولها طبعاً إني بعت التسجيل بتاعها ده لكل صحابها إللي كانوا موجودين في جروب واحد ع الواتس اول ما لاقيت الموبايل، الجروب الوحيد إللي كانت فيه غالباً غير بتاع العيلة ده، وكتبتلهم إنها في المستشفى وإني لقيت الموبايل ده، يمكن عشان حسيت إني عايز الفت نظرهم لحاجة، أو معرفش.. كنت عايز أعمل كده وخلاص، عامة أنا مسحت الرسايل مرة تانية، معرفش هم هيقولولها بقى ولا ايه، مش فارقة.

غريب الإنسان ده، دايمًا بيربط سعادته بالأشخاص، وده غالباً أكتر شيء بيسببله أذى نفسي؛ لإن الظروف عاجلاً أم آجلاً هتفرقهم عن بعض.

ايه ده، لا إله إلا الله.. حادثة، ثواني يا جماعة اشيل معاكوا..ثواني، لا إله إلا الله..

 

Views: 22

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

بنعتذر عن المضايقة، لكنك بتستخدم إضافة adblock اللي بتمنعك من تصفح الموقع في الوقت الحالي، برجاء اغلاقها واعادة المحاولة