خربشات… الإسكندرية على حافة الغرق

بقلم✍️✍️ يوسف ياسر

الآن أنا في حالة صحية منتهية وجسد لم يعد يتحمل.

أنا الإسكندرية عروس البحر المتوسط قد أصابني المرض وقد تآكلت أطرافي وقد اندثرت أيامي.

عجبا لأياما لم تحترم تاريخي ولم تقدر طموحي.

ولكن ما الذي أمامي الآن؟ هل هو للهلاك؟ هل أصبحت على حافة الغرق؟

تقول ما تدعي الأمم المتحدة في تقريرها إن ثلث أراضي ستغرق وستصبح غير صالحة للسكن بحلول عام 2050.

كل تلك الكلمات أعرفها فلي جرح في الماضي لم يلتئم إلى الآن.

فالغرق ليس جديداً على لقد غرقت من قبل.

لقد غرقت حينما كنت فنار العالم القديم واختفيت من على سطح الأرض لكي أكون سرا مدفونا تحت المياه.

فقد أصاب جسدي ما يقارب 23 زلزالا بين عامي 320م ل عام 1303 لكي ينخفض منسوب أرضي تحت المياه.

وتلتهم مياه البحر بعض أجزائي وتختفي تحت تلك المياه قصوري ومعابدي التي إلى الآن الوصول إليها شبه مستحيل فمن لا يعرف قصر كليوباترا في ميناء أبو قير الغارق.

هل سيكون مصير قلعة قايتباي ومكتبة الإسكندرية وكل أجزائي مصير قصر كليوباترا وغيرها من قصوري المدفون تحت رمال في مياه البحر المتوسط.

الآن وأنا ربما في سنواتي الأخيرة بعد عمر يقارب 2350 عاما وفي انتظاري مصيري المجهول.

ولكن هل غرق يعني نهاية حكايتي وقصتي؟ هل الموت هو النهاية أم ستظل ذكرى خالدة إلى الأبد؟

لم أؤمن يوماً بالعالم الآخر والحساب لطالما كنت أثق أن الموت يعني النهاية ولكن في في موت قد تكتب قصة الخلود.

قد تتحول تلك المدينة المحتضرة إلى قصة أسطورية عن عروس كانت تسكن على شاطئ البحر المتوسط يتغنى بجمالها كل من يراها.

قد نعيش في قبر ضيق مظلم سعادة لم نرها طوال أيام حياتنا قد ندرك الخلود بالهلاك.

كما أدرك الخلود أجدادنا الفراعنة خلال الأهرامات التي باقية إلى الآن لكي تبوح للعالم عن عظمة ملوك قدماء قد تحدوا الفيزياء.

وربما هكذا أيضاً هو قدر الحياة دائرة لا بداية ولا نهاية لها قد تكون انتهاء فصل مدينة الإسكندرية التي نعرفها الآن ليس إلا بداية قيامة إسكندرية جديدة تذهل العالم مرة أخرى كما أذهلتهم من قبل.

أنا الآن الإسكندرية قد نضجت قد فهمت معنى الحياة وإذا غرقت أرضي سأظل باقية إلى الأبد فقد أدركني الخلود.

Visits: 15