كتبت: أمل مصطفى
كان ولايزال المجتمع المصري من أكثر المجتمعات التي اشتهرت بالامثله الشعبيه، لكن منها قد نسي وبعضها مازال محوراً يحدد تصرفات الكثير من الناس، ومنها المثل الشعبي «ومن الحب ما قتل».
ويُحكى أن هذا المثل الشعبي، في أحد الأيام مر الأصمعي على الطريق في البصرة وجد صخرة كبيرة منقوش عليها بيت من الشعر فشدة ذهنه الأمر فقد يذكر أن الأصمعي بلاغته الشديدة وقوة حجته في الشعر وبدأ يقرأ هذا البيت فوجد مكتوب فيه: “أيا معشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع.. وفيه يطلب العاشق من معشر العشاق الذين سبقوه بالتجربة ماذا يفعل إذا حل به العشق، ومن هنا قرر الأصمعي أن يرد على ذلك الشاب من خلال النقش على نفس الصخرة ببيت شعر آخر.
وقال، يداري هواه ثم يكتم سره ويخشع في كل الأمور ويخضع” وفيه ينصح الأصمعي الشاب بأن يتمالك نفسه ويربط على قلبه ويكتم في سره حتى يستطيع الحياة، وفي اليوم التالى مر الأصمعي من نفس الطريق وألقي نظرة على نفس الصخرة فوجد أن الشاب قد رد على كلماته ببيت شعر آخر يطلب منه النصيحة ويتحسر على قلبه الذي تقطعت أوصاله من الهوى والعشق فقال: “وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كل قلبه يتقطع”.
ولكن هنا حزن الأصمعي من نصيحة هذا الفتى الذي قد أعياه الحب ولا يعرف كيف يكتم هذا الحب وهو يشعر بالضياع وبالألم فنصحه الأصمعي أنه إذا لم تستطيع الصبر والكتمان لحبك فليس أمامك سوى الموت الذي قد يريحك من هذا الألم وينفعك وكتب له ذلك على الصخرة في بيت الشعر التالي: “إذا لم يجد الفتى صبراً لكتمان أمره فليس شيء سوى الموت ينفع” وكأن كلمات الأصمعي وقعت كالسهم في قلب ذلك الشاب كالرامي الذي أحكم رميته وفي اليوم التالي مر الأصمعي من نفس الطريق ليرى ما هو رد الفتى على هذا البيت الذي ترکه له فوجد أن الفتى قد قتل نفسه بجوار هذه الصخرة آخذاً بنصيحة الأصمعي.
ولكنه كتب له آخر ما كتب من الكلام والشعر ويبلغه أنه قد سمع بنصيحته وأطاعه ويطلب منه أن يبلغ سلامه لكل العاشقين الذين منعوا وصال أحبتهم قائلا: “سمعنا وأطعنا ثم متنا فبلغوا سلامي إلى من كان للوصل يمنع، هنيئا لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع”
وبهذه الكلمات القاسية قد أنهى ذلك الشاب حياته التي لم يذق فيها سوى مرار الفقد والحرمان فقرر أن يتركها ليسعد فيها من يسعد ويتألم فيها من يتألم مثله ويشرب من كأس العشق، و هنا جاءه الأصمعي بمقولته الشهيرة “ومن الحب ما قتل”.
مساحة إعلانية