لم يكن عوض أبو حامد واحد من أبناء العمدة الذين يسعون الى الميراث ومحاولة السيطرة على العمودية، ولكنه كان الابن المدلل الذي يعيش حياة من البذخ والترف.
ولان أبوه كان يرى ان هذه الحياة غير مناسبة لشاب صعيدي ناهيك عن كونه ابن العمدة ارسله الى مصر ليشتد عوده بمهنة حارس العقار “البواب”.
فيتدلى “عوض أبو حامد” ولد العمدة من بلده في الصعيد ليعمل بواب للعمارة التي كان يحرسها والده في صباه، ليشتد عوده حتى لا يتم حرمانه من الميراث.
وخلال رحلته داخل العمارة يرصد لنا العديد من الأخلاقيات والأعراف والتقاليد التي كادت أن تندثر في مجتمعنا المصري، ليذكرنا بها قبل انقراضها.
ويكون لكل شخص في العمارة ذكرى عنه ما بين الأمانة والوفاء والشهامة، والنخوة، والرجولة، والحب الذي قرر بسببه ان ينزل من برجه العالي، من أجل أن يحظى بقلب الفتاة التي احبها.
وهنا نجد انفسنا امام عملًا فنيًا كاملًا يتناول مهنة لم يتناولها أي عمل فني بهذا الشكل من قبل، بالاضافة لبعض الرسائل الاخلاقية الممزوجة بنكهة كوميدية خاصة أضافها حاتم صلاح على المسلسل مع أبطال العمل.
حيث قدمت قصة المسلسل أهمية وجود حارس العقار، مع التأكيد على ابتذال الاسلوب الغير أخلاقي في التعامل معه، والطلبات الغير آدمية التي تطلب منه، واعتبار “البواب” مهنة لكسب العيش بالحلال، تصلب الطول وتصنع رجال، ويحق لها كل الاحترام والتقدير، وبديل عن الحياد في طريق خاطيء.
كما أكدت من خلال المواقف التي يتعرض لها حامد، ضرورة وجود صفات بالرجل تعبر عن كونه رجل بعيدة كل البعد عن القوة الجسمانية كالنخوة والصداقة وقول الحق.
فقد ساعد عوض بطريقته العفوية كل السكان بالعمارة في الحفاظ على شققهم المؤجرة التي كان يحاول صاحب العقار سحبها منهم، واستطاع تصحيح علاقات الأب بابنه، والزوج بزوجاته، وانقذ فتاتين من الوقوع في فخ العلاقات المسمومة.
بالاضافة الى ان المسلسل ألقى الضوء على دور الحب في التأثير على تفكير البشر، فبالرغم من كون عوض ولد العمدة ولا ترتقي أي فتاة للزواج منه الا لو كانت بنت وزير او بنت باشا، حسب أقواله في أكثر من مشهد، إلا أنه قرر التنازل عن هذا الشرط من أجل بناء جسر بينه وبين الفتاة التي يحبها.
تلك كانت مجموعة من الرسائل التي تضمنها مسلسل “على باب العمارة” والذي يعتبر في نظري الشخصي واحد من أقوى المسلسلات الكوميدية خلال آخر ثلاث سنوات في أعمالنا الفنية.
حيث يتم صناعة الكوميديا فيه بدون ابتذال أو افيهات قديمة، ناهيك عن الكاراكترات التي خلقها أبطال العمل في شخصياتهم التي جسدوها ببراعة تامة، لتظهر بشكل مختلف عن كل أدوارهم السابقة.
فشخصية “نوسة” التي جسدتها آية سماحة تعتبر لون جديد عليها، بل إنها بالرغم من تعدد الشخصيات التي جسدتها في مسلسل “الصفارة” إلا أن هذا الدور لم يكن له مثيل فيما بينهم.
أما حاتم صلاح فبالرغم من قيامه بتجسيد دور الصعيدي في “الكبير أوي” قبل ذلك، إلا أن شخصية “عوض أبو حامد” كانت بعيدة كل البعد عن شخصية “نفادي”.
أضف إلى ذلك الدور الجديد الذي جسدت فيه ريهام الشنواني دور الراقصة، ودور المعلم للفنان محمد عبد العظيم، والدراما الممزوجة بالكوميديا التي صنعها لنا العبقري محمد محمود للتعامل مع حالة “عم فؤاد”.
كما اعطى المسلسل فرصة لمجموعة من الوجوه الجديدة كـ بوسي الشامي وأمير عبد الواحد في خوض التجربة الكوميدية بنجاح منقطع النظير.
ولكن يؤخذ على المسلسل المستوى العالي من التنمر الموجود بالسيناريو، والذي أصبح بكل أسف جزء من واقعنا المعاصر.
كما انه جسد صورة خيالية للبواب بعيدة كل البعد عن الصورة الحقيقية له في واقعنا المعاصر، فليس كل البوابين يعيشون تلك الحالة المادية ليكونوا بهذه المثالية العفوية، ويتمتعون بهذا القدر من الشهامة والطيبة والمروءة، ولا يتعامل كل الناس مع البواب كأنه ساكن بالعقار، وليس حارس على باب العمارة.
يشارك في بطولة مسلسل “على باب العمارة” كل من “حاتم صلاح، آية سماحة، محمد محمود”، وهي من تأليف مصطفى حمدي، واخراج خيري سالم
مساحة إعلانية