رياضة

«من ملك ملوك الأرض إلى قتيل بلا قبر».. في ذكرى اشتعال الثورة الليبية 

بقلم يوسف ياسر 

في مثل هذا اليوم 17 فبراير تحل ذكرى اشتعال الثورة الليبية عام 2011، والتي بدأت من بعدها حرب لا تنتهي أحرقت كل شيء، من معمر القذافي ملك ملوك الأرض إلى المدنيين العزل في كل أرجاء البلد، حتى انقسمت ليبيا إلى شبه دولتين واحدة شرقا والأخرى غربا وبينهم حرب أهلية دامية.

قامت الثورة الليبية علي غرار ما حدث في مصر وتونس، وسمي فيما بعد بالربيع العربي لإزالة رأس نظامها الديكتاتوري معمر القذافي، وإنهاء فترة حكمه التي استمرت 42 عاما منذ انقلابه في سبتمبر عام 1969 على الحكم الملكي بقيادة الملك ادرايس، إلى اغتياله بلا رحمة في أكتوبر عام 2011.

وبسبب تلك الفترة الرئاسية الطويلة، يصبح معمر القذافي في المرتبة 11 لأطول فترة رئاسية في القرن 20 و21, والثالث عربيا بعد السلطان قابوس سلطان عمان والملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية.

عرف عنه جنون العظمة والسذاجة والخطابات عديمة المعني وحبه الكبير لنظريات المؤامرة، ويظهر هذا في الكتاب الأخضر الذي أصدره دستور للبلاد استعدادًا لحرب العالمية الثالثة.

بالإضافة لرغبته الدائمة في ظهوره كالبطل المخلص، والزعيم العربي علي غرار الرئيس جمال عبد الناصر.

وكان يبحث دائمًا عن القاب يطلقها على نفسه، ويؤمن باستحقاقه لها ومن أبرزها “ملك ملوك أفريقيا، أمير المؤمنين، عميد القارة السمراء”، وأيضا علي المستوى الداخلي فهو يفضل لقب الزعيم عن الرئيس.

لديه رغبة دائمة في إثارة الأضواء حوله والمزايدة علي الحكام العرب، ويظهر هذا في اعتراضه على معاهدة السلام بين الرئيس الراحل محمد أنوار السادات والاحتلال الإسرائيلي.

ولم يكتف بالاعتراض فقط بل أمر بطرد العمالة المصرية في عام 1977، وكان عددها 225000 عامل، وإلا واجهوا الاعتقال والترحيل الإجباري.

ولم بكتفي بهذا بل أمر الجيش الليبي بالتحرك لغزو القاهرة، وبدأت من هنا حرب الأيام الأربعة بين مصر وليبيا، واستمرت من 21 يوليو إلى 24 من ذات الشهر عام 1977.

انتصر فيها الجيش المصري وسقط المئات من الضحايا في حرب لا هزيمة ولا انتصار فيها، فلا دماء يجب أن تراق بين الأشقاء، وانتهت بوساطة الرئيسين الجزائري هواري بومدين والفلسطيني ياسر عرفات.

ظلت هكذا الحياة في ليبيا، رئيس يعشق إثارة الجدل، والخلافات مع الدول الأخرى حول العالم، حياة شديدة الرفاهية بسبب الثروات النفطية في البلد، غياب الحريات مع قبضة حديدية فرضها نظام معمر القذافي، وعدم احترام حقوق الإنسان.

ومن أبرز القضايا التي ألهبت ثورة ليبيا هي مجزرة سجن بوسليم في 29 يونيو 1996، وهي عملية قتل جماعي في سجن بوسليم وقع علي إثرها نحو 1269 سجين أغلبهم سجناء الرأي.

وتم إعدامهم بوساطة قنابل يدوية وبنادق كلاشنكوف ورشاشات، ثم تم طحن وتكسير عظام القتلى وإشعال النار فيها لثلاثة أيام، ودفنهم في مناطق متفرقة بين ساحة السجن والبحر المتوسط في طرابلس.

وحاول النظام التعتيم علي تلك الجريمة لمدة عشرة أعوام، ولكنه خضع لضغط أهالي المساجين حتى تم إعلان نبأ وفاة أبناءهم عام 2009.

وحاول النظام دفع تعويضات لأهالي المساجين لكي يتراجعوا عن القضايا التي قاموا برفعها ضده.

https://youtu.be/sQptgGAeStA

هكذا كانت يا عزيزي فترة حكم معمر القذافي فترة دامية لا رحمة فيها، وما خفي كان أعظم وأهول.

هي فترة لكي تعبر عن الجانب المظلم للإنسان وعن رغبته وطموحه في السلطة مهما كان الثمن.

هي فترة لكي تعبر عما يمكن للإنسان الوصول إليه حينما يخرج عن السيطرة ويصبح حرا فيخلق عالم مظلم يكون هو الجلاد وشعب كامل يُجلد، وينسي الله الواحد القهار من يسمع ما في صدور ويقهر كل قاهر ظالم.

نهاية معمر القذافي

بعد اشتعال الثورة الليبية لعشرة شهور رفض فيها القذافي التنازل عن الحكم لكي يحقن دماء شعبه اشتعلت في البلد حرب أهلية.

قتل القذافي ووالده معتصم في إحدى معارك تلك الحرب التي لم تنته إلى الآن وتحديدا في معركة سرت في 20 أكتوبر 2011.

لكي يتحول القذافي ملك الملوك بين لحظة والأخرى إلى شخص بلا حول ولا قوة يحاول إن يثر شفقة الثوار حتى يحصل علي الرحمة التي لم يعرف عنها شيء طوال حياته، وتكون نهايته عبرة لمن يعتبر، ودفن في مكان مجهول حتى يكون في صفحات التاريخ المنسية.

وإن كان قتله بلا رحمة، لا زال الشعب الليبي يدفع ثمنه إلى الآن، فمن يبدأ رحلته بالدماء، وينسي أن الجزاء سيكون من جنس العمل سيكون قدره الدخول في لعبة لا تنتهي بسهولة وسيظل الشعب الليبي جريحا في معركة الكل فيها مهزوم.

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

بنعتذر عن المضايقة، لكنك بتستخدم إضافة adblock اللي بتمنعك من تصفح الموقع في الوقت الحالي، برجاء اغلاقها واعادة المحاولة